الجود والكرم من أخلاق الإسلام العظيمة ومن الصفات التي يحبهما الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وهما من مكارم الأخلاق ومحاسن الآداب ، والله عز وجل جواد كريم قال عليه الصلاة والسلام: (إن الله تعالى جواد يحب الجود ، ويحب مكارم الأخلاق ، ويكره سفاسفها).

وما بعث الله نبيآ ولا رسولآ إلا كان جوادآ كريمآ.

والعرب في الجاهلية قبل الإسلام كانت تتصف بالجود وإكرام الضيف ، وامتدحوا هذه الأخلاق الطيبة ، قال حاتم الطائي:
أضاحك ضيفي قبل إنزال رحله ويخصب عندي والمحل جديب وما الخصب للأضياف أن يكثر القرى ولكنما وجه الكريم خصيب.

وحث الله عز وجل نبيه وأمته على الاتصاف بالجود والكرم وقد كثرت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تدل على ذلك قال تعالى: (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا من شئ فإن الله به عليم). آل عمران آية: ٩٢.

وحذر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم من الشح والبخل قال عليه الصلاة والسلام: (لا يجتمع شح وإيمان في قلب عبد أبدا). أخرجه أحمد والنسائي وهو صحيح.

وقال صلى الله عليه وسلم: (شر ما في رجل شح هالع ، وجبن خالع). رواه أبو داود.

قال بشر بن الحارث: (لا تزوج البخيل ولا تعامله).

والقرآن الكريم أكد أن المال مال الله تعالى وهو أمانة بيد الإنسان ومستخلف فيه ينفقه فيما يرضي الله تعالى ويواسي به الفقراء والمساكين والمحتاجين ويجعله طريقآ له إلى الجنة.

إن الإنسان بفطرته الإنسانية السوية يحب الجود والكرم والبذل والعطاء.

فالجود والكرم هو أصل الفضائل والمحاسن في الدنيا والأخرة ومن صفات الصالحين قال حبيش بن مبشر: (قعدت مع أحمد بن حنبل ويحيى بن معين ، والناس متوافرون فاجمعوا أنهم لا يعرفون رجلآ صالحآ بخيلآ).

والرسول صلى الله عليه وسلم كان القدوة الحسنة والمثل الأعلى في الجود والكرم فكان أجود وأكرم الناس وكان يعطي عطاء من لا يخشى الفقر قال عليه الصلاة والسلام: (لو كان لي مثل أحد ذهبآ ما يسرني أن لا يمر علي ثلاث ، وعندي منه شئ إلا شئ أرصده لدين). رواه البخاري.

قال الشيخ ابن عثيمين: (وكان كرمه صلى الله عليه وسلم كرمآ في محله ، ينفق المال لله وبالله ، إما لفقير أو محتاج ، أو في سبيل الله ، أو تأليفآ على الإسلام ، أو تشريعآ للأمة ، وغير ذلك).

قال المدائني: (أول من سن القرى “أضاف الضيف وقدم الطعام له” إبراهيم الخليل عليه السلام ، وأول من هشم الثريد هاشم ، وأول من فطر جيرانه على طعامه في الإسلام عبيدالله بن عباس رضي الله عنهما ، وهو أول من وضع موائده على الطريق ، وكان إذا خرج من بيته طعام لا يعاود منه شئ ، فإن لم يجد من يأكله تركه على الطريق).

والصحابة رضوان الله عليهم كانوا مضرب المثل في الجود والكرم فأبو بكر الصديق أنفق ماله كله في سبيل الله وعمر الفاروق أنفق نصف ماله في سبيل الله وعثمان ذو نورين جهز جيش العسرة كاملآ وحفر بئر رومة وعلي أبو الحسنين أنفق الأموال الكثيرة على الفقراء والمساكين والأيتام.

قال عطاء: (ما رأيت مجلسآ قط أكرم من مجلس ابن عباس ، أكثر فقهآ ، وأعظم جفنة “وعاء الطعام الكبير” ، إن أصحاب القرآن عنده ، وأصحاب النحو عنده ، وأصحاب الشعر ، وأصحاب الفقه ، يسألونه ، يصدرهم في وادي واسع).

و (كان يقال للفضل بن يحى حاتم الإسلام وكان يقال: حدث عن البحر ولا حرج ، وعن الفضل ولا حرج).

ومن عرف بالجود والكرم والبذل والعطاء علا قدره ، وارتفعت منزلته ، وفاز بالأجر والثواب من الله تعالى ، والذكر الحسن من الناس ، وكرم الإنسان وجوده يدل على أصله الكريم ومعدنه الطيب ، وأخلاقه النبيلة.

والدنيا مزرعة للأخرة فما تقدمه اليوم تجده حاضرآ أمامك يوم القيامة في يوم أحوج ما يكون فيه الإنسان إلى حسنات ترفع درجته في الجنة يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

فجودوا وأكرموا أنفسكم ونسائكم وأولادكم وأقاربكم وجيرانكم وضيوفكم والفقراء والمساكين والمحتاجين فما نقص مال من صدقة ولتنالوا الأجر والثواب من الله تعالى وتذكروا قوله سبحانه: (وما أنفقتم من شئ فهو يخلفه وهو خير الرازقين). سبأ آية: ٣٩.